الخميس، 30 أبريل 2015

تعرف على تفاصيل التقديم فى مواقع التشغيل الإلكتروني

أضحى منظر شاب يحمل رزمة من الأوراق والشهادات يتنقل من مؤسسة إلى أخرى بحثا عن وظيفة ضربا من الماضي، إذ يكفي توفر جهاز كمبيوتر أو سمارتفون موصول بالأنترنت للولوج إلى ملايين فرص العمل في مختلف التخصصات وحسب الطلب، كل هذا بفضل عشرات المواقع التي تروج للتوظيف الإلكتروني في الجزائر، منافسة بذلك أعتى وكالات التشغيل الوطنية، والتي تمكنت من كسب ثقة ملايين الشباب الباحثين عن فرصتهم في عالم الشغل.

وقد وجد الكثير من طالبي العمل ضالتهم في المواقع الإلكترونية للتوظيف التي انتعشت في العشرية الأخيرة وصارت توظف عشرات الآلاف من البطالين في مختلف التخصصات والمهن.
أمبلواتيك، أمبلوابارتنر، توظيف.كوم، الخدمة.كوم، واد كنيس، كاريار الجزائر.. كلها مواقع حديثة للتوظيف وجدت لها مكانا على الشبكة العنكبوتية وأضحت تستقطب عشرات الآلاف من الشباب بشكل يومي، لتصبح في غضون سنوات قليلة الوجهة المفضلة لكل من يرغب في ولوج عالم الشغل واقتناص فرصة الحصول على وظيفة، متفوقة في ذلك على أعتى هيئات التشغيل التي وضعتها الحكومة على غرار الوكالة الوطنية للتشغيل ”لانام” ومديريات النشاط الاجتماعي ”لاداس”، فقد فقد الكثير من الشباب الثقة في هذه الهيئات واستبدلوها بمواقع التوظيف على النت.
ملايين البيانات الشخصية والسير الذاتية متاحة بنقرة واحدة
وحسب ما كشفه خبير الاتصالات يونس قرار لـ”الفجر”، فقد عرفت هذه المواقع أول ظهور لها في الجزائر منذ 7 سنوات لتنتعش بشكل كبير خلال 3 سنوات الأخيرة، مرجعا ذلك إلى سهولة الولوج إليها وإمكانية الاطلاع على فرص التوظيف المتاحة بمختلف التخصصات والفروع وعبر كامل التراب الوطني، كل ذلك في وقت قياسي يجنب المستخدم عناء التنقل إلى الشركات، مختصرا الوقت والجهد والمال، فضلا عن انخفاض التكاليف، إذ يكفي الربط بشبكة الأنترنت مع توفر كمبيوتر أو لوحة لمسية أو حتى هاتف ذكي ”سمارتفون” لتصفح مواقع التشغيل دون تداول أوراق ومستندات يدويا.
من جهة أخرى، ليس طالبو العمل وحدهم من يفضلون اللجوء إلى هذه المواقع، بل حتى المؤسسات والشركات الباحثة عن الكفاءات لتوظيفها أصبحت تستعين بهذه المواقع لانتقاء أحسن مرتاديها لمنحهم مناصب شغل، فملايين البيانات الشخصية والسير الذاتية متاحة أمامها لتنتقي منها الأفضل لتوظيفها والاستفادة من مؤهلاتها.
وعن كيفية تمويل هذه المواقع لتستمر، قال قرار بأنها تعتمد غالبا على مساحات الإشهار التي يمنحها الموقع للشركات والمؤسسات الراغبة في الترويج لمنتجاتها وخدماتها على الموقع، خاصة إذا كانت نسبة تصفحه مرتفعة، فضلا عن الاشتراكات لفائدة المؤسسات الزبونة للموقع التي تعرض فرصا للعمل عبره، إذ يتم منح نسبة متفق عليها قبلا لإدارة الموقع عن كل توظيف يتم عن طريقه، مؤكدا أن أغلب هذه المواقع تعتمد على ”البرمجة” في عملها، وبالتالي فهي لا تحتاج لتكاليف كبيرة وعمال كثر لتسيير الموقع، معتبرا في ذات الصدد أن أول المواقع التي زاولت النشاط في الجزائر كانت ”مجازفة” حقيقية ومغامرة في ظل افتقار المجتمع الجزائري لثقافة التوظيف عن طريق النت في ذلك الوقت.
30 بالمائة من صفقات التوظيف تتم إلكترونيا وانتشال 50 ألف شاب من البطالة
وأشار الخبير أن الجزائريين أصبحوا يثقون في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، ما جعل هذه المواقع تتفوق على هيئات التشغيل التقليدية، إذ وجدوا فيها السهولة والفعالية بعيدا عن البيروقراطية والعوائق الإدارية والمحسوبية المنتهجة في سبل التوظيف التقليدية، مشيرا أن الوكالة الوطنية للتشغيل ”لانام” ملزمة بانتهاج سياسة تلقي طلبات التوظيف وتوفيرها إلكترونيا لتصمد أمام هذه المواقع وتواجه المد التكنولوجي بركوب موجة التحديث والرقمنة.
واعتبر قرار أن التوظيف الإلكتروني يقوم بتشغيل حوالي 50 ألف شخص سنويا، إذ أن 30 بالمائة من صفقات التوظيف تتم إلكترونيا، مشيرا أنه إذا واصلت المواقع في التزايد والنشاط بهذه الوتيرة فستمتص نسبة هامة من سوق التوظيف، وقد تصل إلى أن يستحوذ التوظيف الإلكتروني على 90 بالمائة من طلبات العمل في الجزائر.
تصميم جذاب.. تحديث آني.. ودقة في البحث.. مفاتيح نجاح مواقع التوظيف
جولة صغيرة على شبكة النت كانت كافية للتعرف على أهم المواقع الإلكترونية للتشغيل في الجزائر، على غرار ”أمبلواتيك”، ”أمبلوا ألجيري”، ”كادر أمبلوا”، ”الخدمة.كوم”، ”أمبلوا نت”، ألجيري سايت وغيرها.
وعند تصفحنا للبعض منها، فالظاهر أنها تعتمد على الشكل الجذاب والمعلومات الكافية، ما يثير اهتمام كل باحث عن وظيفة، فرغم أنها تتفق كلها على ذات الأساس من خلال توفيرها لفضاءين، الأول لطالبي العمل والثاني للمؤسسات العارضة لفرص العمل، إلا أن لكل موقع أسلوبا خاصا يميزه من حيث التصميم وعرض المعلومات واستحداثها.
كما تعمد هذه المواقع إلى عرض فرص العمل حسب التخصصات والفروع، فيكفي النقر على التخصص المرغوب ليتهاطل على المتصفح كم من عروض العمل، فضلا عن تصنيف لفرص التشغيل حسب الولايات والجهات، إذ يجد المستخدم كل التفاصيل حول المنصب والشركة الموظفة وحتى بياناتها للاتصال والاستعلام.
وحتى الشركات المعلنة أضحت تعتبر هذه المواقع مكتبة مفتوحة من البيانات تنتقي منها ما تشاء وحسب ما تحتاج، بتحديث آني للمعلومات.
ولشد انتباه أكبر عدد من المتصفحين وإغرائهم ليكونوا زوارا أوفياء ودائمين، لجأت بعض المواقع إلى الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي على غرار ”فايسبوك” و”تويتر” للترويج لها واستقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار، من خلال طرح عروض العمل عبر صفحتها على الفايسبوك، كما عمد موقع ”أمبلواتيك” إلى تخصيص خانة في واجهة الموقع معنونة ”قصة نجاح”، يتم فيها عرض شهادات الشباب الذين تم توظيفهم عن طريق الموقع مرفقة إياها بصورهم وأسمائهم ومناصبهم كاملة، ما يعد عاملا نفسيا هاما سيمنح المتصفح ثقة أكبر في الموقع ويحفزه ليكون واحدا من أوفيائه لتحقيق حلمه المنشود.
التوظيف الإلكتروني.. صورة عن الاستغلال الإيجابي لتكنولوجيات الإعلام والاتصال
ولعل أهم ما شدنا لدى استطلاعنا لآراء بعض الشباب هو معرفتهم جميعا بوجود هذه المواقع، فتقول سارة شابة مكلفة بالدراسات بالبنك ”إن التوظيف إلكترونيا قد فتح لي أبواب العمل على مصراعيه ففور حصولي على شهادة النجاح في تخصص التجارة قمت بتصميم سيرتي الذاتية وطرحها عبر الموقع، وكم كانت فرحتي كبيرة عندما اتصل بي وكيل سيارات جد هام في الجزائر في ظرف وجيز لاجتياز لقاء توظيف تمكنت من خلاله من الحصول على منصب عون تجاري في الشركة، ولم تصدق صديقاتي آنذاك أنني وظفت بهذه السرعة دون محسوبية أو وساطة، وقد زاولت العمل لمدة سنة كاملة”.
مواقع التوظيف وجهتي في العطلة، هكذا روى لنا الطالب الجامعي رضا تجربته ”منذ دخولي الجامعة أسعى إلى تحصيل مصروفي في العطلة السنوية ومنذ سنتي الأولى وأنا أعمل صيفا بإحدى المسابح المفتوحة للجمهور بالعاصمة، والتي أرشدني إليها صديقي الذي طلب مني تصفح أحد مواقع التوظيف مؤكدا لي أنها تعرض فرص جادة، فصرت أداوم على زيارة الموقع إلى أن اطلعت على عرض مسبح يبحث عن شباب جامعيين للعمل في فترة الصيف، فاتصلت بإدارته على الفور، وها أنا أضمن وظيفة كل عام في وقت الفراغ”.
خديجة أم وربة بيت في الأربعين تقول: ”إن كان الحل في أن يتحصل الشاب العاطل عن العمل على وظيفة باستغلال الأنترنت، فهو إنجاز بحق، فقد كان الحصول على عمل بهذه السرعة والسهولة في الماضي ضربا من الخيال، إذ كنا نعاني الأمرين في البحث عن عمل ويتطلب منا أياما من التنقل من مؤسسة إلى أخرى، فالأنترنت بهذه الطريقة تساهم في تسهيل حياة الأفراد باختصارها المسافات..أعتقد أن هذا هو الاستغلال المفيد للتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال”.
الجدية والاحترافية في التعامل تعزز ثقة الشباب في مواقع التوظيف
ولمعرفة مدى جدية هذه المواقع في التوظيف تقمصت دور شابة تبحث عن وظيفة فقمت بتصميم سيرتي الذاتية وعرضها على الموقع وهنا وصلني اتصال بعد أزيد من أسبوع من إدارة موقع التوظيف، حيث طلب مني التقدم إلى مقره الكائن بدالي ابراهيم بالعاصمة لإجراء مقابلة مع ممثل إحدى الشركات المهتمة بمؤهلاتي.
وهنا وصل اليوم الموعود وعند وصولي البناية، استقبلت بطريقة لبقة جدا تنم عن احترافية عالية في التعامل، وبعد التأكد من أنني الشخص المطلوب، وفي بضع دقائق تم توجيهي إلى الغرفة التي تجرى فيها المقابلة.
دخلت الغرفة فوجدت شابين رحبا بي ودعياني للجلوس بعد التعارف، الأول كان ممثل الموقع والثاني مسؤول الماركتينج بالشركة الزبونة، وقد أدار الشخصان الحوار باحترافية عالية مدققين في تفاصيل خبرتي المهنية وتطلعاتي المستقبلية على ضوء المنصب المعروض، وقد تركت زيارتي هذه أثرا إيجابيا في نفسي جعلتني أعزز ثقتي في هذه المواقع.
آلاف المؤسسات الرائدة تثق في مواقع التوظيف لانتقاء مواردها البشرية
من جهتها، كشفت صبرينة سيرغوى، المكلفة بالاتصال على مستوى موقع ”أمبلواتيك”، أن الموقع عرف النور في 2006 وقد تم إنشاؤه كمؤسسة توظيف على الأنترنت في إطار الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب ”أونساج”، إذ تعمل الشركة على جعل الأنترنت الوسيلة رقم 1 للتوظيف في الجزائر، وقد تمكن الموقع من توظيف 10 آلاف طالب عمل في 2010.
وحسب ذات المتحدثة، فنتيجة تزايد عدد الطلبات على الموقع، ولاستيعاب أكبر عدد من البيانات، تم تحديث الموقع في شهر فيفري المنصرم وتحويله من ”أمبلواتيك 2.0” إلى ”أمبلواتيك 3.0”، إذ تطرح هذه النسخة الجديدة شكلا مبسطا وأكثر سهولة للتوظيف والبحث عن المناصب الشاغرة وبسرعة أيضا، تماشيا مع ما يقتضيه عصر الأنترنت.
وبلغة الأرقام، ما يفوق 5000 مؤسسة ناشطة في مختلف القطاعات في الجزائر نشرت عروضا للتوظيف على الموقع، كما تم إحصاء منذ إنشاء أمبلواتيك وإلى غاية اليوم   أزيد من 500 ألف طالب عمل مسجل، فضلا عن أزيد من 6 ملايين زيارة وتصفح في 2014 على النت، وعلى الفايسبوك تحوز صفحة الموقع أزيد من 8 مليون معجب.
20 ألف جزائري أرسلوا طلبات تشغيل عن طريق ”الهواتف النقالة” في أقل من سنة
إن التحول التكنولوجي السريع الذي أثاره إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال في الجزائر، والاستعمال المتزايد للأنترنت من قبل الشباب قد ضاعف من نشاط مواقع التوظيف، فبفضل ”3 جي” أصبح المرشحون للوظائف يطلعون على الطلبات بصفة آنية، والكثير من المواقع أنشأت تطبيقات يمكن استغلالها على الهواتف الذكية أو اللوائح اللمسية.
ويرى الخبير في المجال يونس قرار أن الجيل الثالث أحدث ثورة رقمية في الجزائر والتي انعكست على كل المجالات وعلى رأسها قطاع التوظيف، فقد فاق عدد مشتركي ”جي 3” 8 ملايين مشترك في سنة واحدة، وهو مرشح للارتفاع ومع تزايد استغلال السمارتفون وانتشار التطبيقات، أصبحت فرصة العمل في جيب كل شخص يبحث عنها.
وحسب الأرقام التي تسلمتها ”الفجر” من المكلفة بالاتصال على مستوى ”أمبلواتيك” فقد تلقى الموقع أزيد من 20 ألف طلب عمل عن طريق هواتف ذكية ما يمثل 5 بالمائة من مجموع الطلبات التي تلقاها الموقع في أقل من سنة.
وزارة العمل تدرج كل موقع غير معتمد على مستواها في خانة ”النشاط الموازي”
اتصلنا بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي لمعرفة مدى سلطة هذه الأخيرة على مواقع التوظيف الإلكتروني في الجزائر وتقنينها. وحسب خلية الاتصال على مستوى الوزارة، فإن هذه المواقع تدرج في خانة الهيئات الخاصة التي تنشط في سوق التشغيل، موضحا أنه يشترط حصولها على الاعتماد من الوزارة الوصية لمزاولة نشاطها بشكل قانوني، إذ تم اعتماد البعض منها، ولكن الكثير من هذه المواقع لا يصرح بها، وبالتالي فيدرج نشاطها في خانة العمل الموازي والخارج عن الأطر القانونية المعتمدة.
المصدر جريدة الفجر الجزائرية 

هناك تعليق واحد: